المشــــــــــــاهدات

السبت، أبريل 28، 2012

في طريق القصواء - عبدالرحمن العشماوي


ما تغاضى طرف شعري أو تعامى *** بل رأى ما لم تـــــرَ العينُ ، فـــــــهاما
أبصر الفـــجر الـذي أزهـر نـوراً *** ورأى في شُــرْفة الـمـــــــــجـــد غلاما
ورأى جبــــهـتـه لـمّـا تجــــــلّـت *** ورأى وجْــــــــــــدانـَــهُ لـمّـا تسـامـى
ورأى زهو شُعــاع الشَّمْـــسَ لــمّـا *** لوّنت في الأفـــق الأعــــــلى الغـمـاما
ورأى الغيث الذي يَلْـــــثـم أرضـاً *** فيثـــــــير الشِّيح فيـــــــها والـخزامـــى
ورأى البطحـاء تـهـتـــــزُّ ابتــهاجـــاً *** ورأى فـي شفــــــتــــيـهـا الإبـــــتسامـا
ورأى ألـْـــفَ فَصِـــــــيحٍ وبَــــلِيـــــغٍ *** من بني يعرب يُبـــــــدون اهتــمــامـا
أرهفـــوا أسْـمَـاعـَــهم ، هَذَا كلامٌ *** عربــِّيٌ ، اسْـمَــــعُــــوا هـــذا الكـــلاما
اسـمَعُوا يا قوْم ، هذا سـحْــُر قولٍ *** ما عَهِـــدْنَاهُ اتِّــــــساقـاً وانـْــتِــــــــظاما
هوَ منْ جنسٌ كلامِ العُربِ ، لكنْ *** جـلَّ مَعْنــى وحُــــــــــرُوفـــــاً ومَــرَامَا
ما تغاضى طرف شعري أو تعامـى *** بل رأى الشَّــــهْمَ الذي هزّ الـحُساما
ورأى التــَّـاريـخ شَــــــيْخاً عَرَبيـــــاً *** كل مَنْ لاقـَـــــــــاهُ أولاه احـــــترَامَـا
أسند الظــهر إلى حائـــط مجدي *** وغـَـــــــــدَا يَسْــــــرِدُ أخبَـــاراً عـــظاما
قال ، والتّاريخ لا يخشى انقـــطاعـا *** حــــــينَـمـَا يروي ولا يخشى انـهِــزَامـا
لـم أزل أذكــــر ليل الصحو، لـمّا *** زيـــّـنت أنْـجُـــمُهُ الــزُّهـــرُ الظــــــلاما
وأرى البَــــدْرَ الذي سَلْــــسَلَ نـوراً *** مَنَــــحَ الظَّـــــلمـاءَ لُطْــــــــــفاً وتـرامَــى
وأرى في الغَــــار طيـــفاً يــــتـــــــرقَّى *** في مَدَاراتِ الهُـــــدى يَعْــــــلُو مَقَاما
لـم يزل يـرنو إلى الآفـاق ، يـرجو *** أنْ يرى البُرء الذي يشـــــفي السّقاما
أنْ يــرى العِلــمَ الذي يرفـعُ جـهْـلاً *** عن عقولٍ جـهْـلُـــــهَـا زاد احْـــــتِدَاما
ما تغاضَى طَرْفُ شِعْـــري أوتعامى *** بلْ رَأَى أمْـجَــــــادَنَا تـَـــرْفَعُ هـــــامـا
ورأى الأيـام تـجْــــرِي واللَّــيالـــي *** ورأى فيـــــــهـــن أحـــــــداثاً جساما
ورأى، ماذا رأى؟ الأصنام تهوي *** ورأى «القصواء» تـجتازُ الزِّحَـامَا
ورأى خــَــيرَ البـــرايا في خــــشوعٍ *** حولَهُ الصّــــَحبُ قُــــعــــوداً وقــــيامـا
وعيونُ النَّــــاسِ تـــرنو في انْبِــــهارٍ *** لرجــــال طَهَّـــرُوا البــــيتَ الـحَــرَاما
هـم يطوفـون طوافاً، لـمْ تُشَاهِــدْ *** مثـــــْلـَهُ الكعبةُ صــــــدقاً ، والْتِــزَامَا
كعبــةٌ أرْهَقَـــــــها الشِّرك زمـانــــــاً *** لـم تــــجد فيه سوى الفوضى نظــاما
كـم نساءٍ طُفْـن بالبـيـتِ عــــرايـا *** كـم خطايا أشعـــلت فيه الضِّــراما
كـم وجـــوهِ أَفْزَعَـتْ فيهِ الـمرايــا *** كـم رجالٍ أشْعلوا فيــــــه الـخِصاما
كـمْ قـويٍّ يشــربُ الـــمَـاءَ نقــيَّــــاً *** وضعيفٍ عندَهُ يـَــــشْرَبُ جــــاما
كـم، وكـم يـا كـعبــةَ اللهِ ، ولكـنْ *** أبْشِـرِي قَـدْ بَعَــــثَ الله الإمــــاما
أبشـري يـا كعبةَ الله ، فَـــــهَـذَا *** سيّد الخَــــلْق أتَى يَـحْمـي الذِّمامـا
أذكـري أيــَّامَـه ، والكُفْـرُ يَلْــــوي *** عُنق الرِّيـحِ، وَيَسْــتَدْنِي الصِّدَامَـا
واذْكُــري هِـجْـــرَتَـهُ لـمَّا تـخَـــــفَّـى *** هارباً منكِ ، يرى النَّــــصـر أمَامَا
واذْكُــري الغَــارَ الَّذِي زادَ شـموخاً *** وسَـمَـا قَـدْراً ، بـِــمَنْ فـِــــــيهِ أقَامَا
ثاني اثْنَيـنِ ، إلى الرَّحْـمَن سَـــــارَا *** وعلى منْـــــهَجِهِ السَّامِــي اسْتَــــقَامَا
ثاني اثنيـنِ ، وللـــــــرَّملِ اشــــتياقٌ *** أن يَرَى هـَــــذَا الَّذِي فَــاقَ الأنَامَا
هَاجَرَا، والكـُـــــفْــرُ قَلْبٌ يَتَـــلظَّى *** حِقْــده يَلْتَـــهِم العَــــــطْفَ الْتِـهَامَا
يا لهَا من هِـجْــــرَةٍ بـالدِّين صَارَتْ*** في ضــمير الكـون رَمْـــزاً و وِسَامَا
يا حـمى الأنْصَارِ أصْبَحْـتِ مَنِيْعَــاً *** وتبــوَّأتِ من الـمــَــــــجْد السَّنَامـا
أنْبَتَ الـمُخْتَـــارُ في أرضِــــكِ عِـــزَّاً *** وارْتـَـضَى طـَـــيـْبَـةَ داراً ومُــــقَامَــــــا
إيه يا طَيْـــبَـةَ بالإيـمــــانِ طـــيْبـــِي *** منزلاً واستقبـــلي الشَّـهم الهُمـــاما
ضَـــيَّـــــع الكــــفار في مكة مــــجداً *** وتـمـــــادوا وأرادوه انتـــــــقامـــــــا
فَخُذي يا طــــــيبـة الإيـمــــان كنزاً *** وامنــــــحني منْهُ عِـــــراقـــاً وشآما
وامنَـــــــحِي منه قريـــــباً وبـــــعداً *** وانشري منه على الأرض السَّلاما



                                        عبدالرحمن بن صالح العشماوي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق