المشــــــــــــاهدات

الخميس، يونيو 28، 2012

حكاية في ليل ٍبهي .. يحيى السماوي 

لـيـلٌ حِجابُـك حول وجهِـك قـد سَـجـا
سُـبحان َمَـنْ جَمَعَ الـضياءَ مع الـدُّجى

جَـلـسـا معا : لـيـلٌ وصـبـحٌ مُــشـمِــسٌ
فــكــأن ّبـــدرا ًبـالــظــلام ِ تــبــرَّجَــا

ومَـشـتْ .. فـقـلتُ ربابـة ٌتـمـشي عـلى
صـدري .. فـحُـقَّ لخافـقـي أنْ يـهـزجـا

وتـثـاقـلـتْ في خـطـوِهـا لا مِـن ضـنىً
فـودَدتُ لـو كـانـتْ ضـلوعــيَ هـودَجـا
 
لا صَـقـتـُهـا خطوي .. وأجْلـَسَـنا مـعـا ً
حظ ٌّمكانا ًفي "الشُـبَـيكة " مُـسْـرَجا
 
فــاسْــتـَـنْـفَـرَتْ بُــقـيــا شَــبـاب ٍآفِــل ٍ
قـد كان يـومـا بـا لـهُـيـام ِ مُـضـرَّجـا

واسْـــتـَدْرَجَـتـنـي فِــتــنـة ٌوحــشــيَّـة ٌ
ألـفـيْـتُ قـلــبــي نحـوهـا مُـسْـتـَـدرَجـا

نَـشَـرَتْ سَـحابة َعـطرِها فـتـنـفَّـسَـتْ
روحي عـبيرا ً يـسـتـبيحُ ذوي الحِجـا
 
مَــرَّتْ لـُحَـَـيـظــاتٌ وكـل ٌّ يـرتـجـي
مـن صَـمـتِـه نحـوَ الـتحدُّث ِمَـخـرَجا

حَــيَّـيـتُـهــا ... وزعَـمْـتُ أنـي تــائِـه ٌ
ضـل ّالطـريـقَ وقـد أضاع الـمُـلتـَجـا

رَدَّتْ بـمِـثـل ِ تـحـيَّـتـي ... لـكـنـَّهـــا
زادتْ عــلـيـهــا رِقـَّـة ً وتـغــنـُّـجـــا

ضَحِكـتْ وشَـعَّ العـشـبُ في أحداقِهـا
حتى ظننـتُ الـلـيـلَ حـقـلا ً مُـبْـهِـجـا

واسْـتـَظرفتْ آهـا ً يُخـالِـطُ جَـمـرَهـا
مـاءٌ وهـمـســـا ًكــادَ أنْ يـتـَهَــدَّجــا

سـألَ الغريبُ غـريبة ً ـ قالـتْ ـ وقـد
لـثغَـتْ بـ" راءِ " فـم ٍ أذابَ وأثـلجـا:

جِـئـنـا إلى حَـجّ ٍ وأوشـكَ جَـمْـعُـنـا
عَـودا ً.. فـقـد شـدَّ الركابَ وأرتجا

أزِفَ الرحـيـلُ إلى الـشـآم ِ فأهـلـنـا
قــد هَـيّـأوا زادا ً لــنـا وبـنـفـسَــجـا

فـأجَـبـتـهــا ـ وأنـا أمَــسِّــدُ كـفَّـهــا
تـمـسـيـدَ قـمّـاش ٍ تـأمَّـلَ مَـنـسَـجـا :

شـاميَّـة ٌ ؟ مَـلـكَ الـقـلوبَ جَـمـالكم
يــامــا أذلَّ مُـكـابــرا ً ومُـدَجَّـجـا !!

مـا بيننا قـُربـى الـفـرات ِ وجـيـرة ٌ
وجذورُ أنساب ٍ وغربة ُ مَنْ شـَجـا

لـلـجـار ِ حَـق ٌّ والـقــرابـةِ مِــثـلـُه ُ
أنـعِـمْ بـمَنْ حـقـا ً يـصونُ ومنهَجـا

فـتَـوَهَّـجَ الـتـفـاحُ فـي وجَـنـاتِـهــا
خـَجَلا ً يُـزيـدُ من الجمال ِ توهُّـجا

واهْـتـَزَّ عصفـوران ِ تحتَ عـباءة ٍ
عَـبَـثـتْ بها ريحُ الصَّـبا فَـترَجْرَجا

وعلى مَـرايا الجيدِ ـ فـرطَ نعومة ٍ ـ
نظري إلى النحر ِ المضيء تدَحْرَجا

زمَّـتْ عـباءتها .. وأحـسَــبُ أنهـا
زمَّـتْ على عـينيَّ جـفـنـا ً أهـوَجـا

واسْتحْكمَتْ شِـقَّ القميصِ وأسْدَلتْ
شـالا ً بـلون ِ المقـلـتـيـن ِ مُـزجّجـا

قـالتْ وكان الفجـرُ بـدءَ طـلـوعِـه ِ:
بـغـد ٍ سـنـرحـلُ قبل ميعاد ِ الـدجى

فـاطرقْ بلادَ الشـامِ حيث ُعشيرتي
وأبي إذا كـنـتُ الـمُـنى والمـُرتجى

عَـرِّجْ عـلـيـنـا لـيـلـة ً وصَـبـيـحَـة ً
وارجَعْ بـقـلـبي ـ لا يَديَّ ـ مُـتـوَّجـا

أو كنتَ تـلهـو فـاعْـلـمَـنَّ : قـُرُنفلي
يـغـدو إذا رِمْـتَ الـغِـوايَة َ عَوسَجا

ويصيرُ جمرا ً نـفحُ ورد ِ حدائـقي
ونـسـيـمُ شـطـآني لظىً مُـتـأجِّـجـا

عَـرِّجْ تـجـدْ أهــلا ً ودارَ مـحَـبَّـة ٍ
قـد فـازَ مَـنْ رامَ الحبيـبَ فـعَـرَّجا

ارجـــــــــــع - نزار قباني

وكم تَمنيت لو للرقص تطلبني
         وحيرتني ذراعي أين ألقيها
ارجع إلي فإن الأرض واقفة
               كأنما فرت من ثوانيها
إرجع فبعدك لا عقد أعلقه!
    ولا لَمست عطوري فِي أوانيها
لِمن جَمالي؟ لِمن شَال الحرير لِمن
         ضفائري منذ أعوام أربيها
إرجع كما أنت صحوا كنت أم مطرا
       فما حياتِي أنا إن لَم تكن فيها!

ثلاث فتيات يحتكمن إلى حاج


من الطرائف الادبية التي وردت في كتاب (مصارع العشاق لابن السراج القارئ) حكاية وردت في الجزء الاول صفحة (250) تحت عنوان (الاخوات الثلاث) ذكر فيها ان رجلا من اهل البادية خرج حاجا، فبينما هو قد نزل تحت سرحةٍ وهي شجرة وارفة الظل، بين المدينة ومكة وجد كتابا معلقا في السرحة فيه: بسم الله الرحمن الرحيم .. ايها الحاج القاصد بيت الله الحرام ان ثلاث اخوات فتيات خلون يوما، فبحن بهواهن وذكرن اشجانهن فقالت الكبرى:

عجبت له أن زار في النوم مضجعي
                     ولو زارني مستيقظا كان أعجبا

وقالت الوسطى:

وما زارني في النوم إلا خياله
                      فقلت له: اهلاً وسهلاً ومرحبا

وقالت الصغرى:

بنفسي وأهلي من أرى كل ليلة
                  ضجيعي ورياه من المسك أطيبا

وفي اسفل الكتاب المعلق:
رحم الله من نظر في كتابنا هذا وقضى بيننا بالحق ولم يجر في القضية فأخذ الحاج الكتاب وكتب في أسفله:

أحدث عن حور تحدثن مرة
              حديث امرئ ساس الامور وجربا
ثلاث كبكرات الهجان عطابل
                     نواعم يقتلن اللئيم المسببا
خلون، وقد غابت عيون كثيرة
                    من اللاء قد يهوين أن يتغيبا
فبحن بما يخفين من لاعج الهوى
              معا، واتخذن الشعر ملهى وملعبا

وكتب يصور حالتهن وما يكابدن من هيام:

عجبت له أن زار في النوم مضجعي
                ولو زارني مستيقظا كان أعجبا
وإذ أخبرت ما أخبرت وتضاحكت
                  تنفست الأخرى، وقالت تطربا
وما زارني في النوم إلا خياله
                  فقلت له: أهلا وسهلا ومرحبا
وشوقت الأخرى وقالت مجيبة
                  لهن بقول كان أشهى وأعذبا
بنفسي وأهلي من أرى كل ليلة
             ضجيعي، ورياه من المسك أطيبا
فلما تبينت الذي قلن وانبرى
            لي الحكم لم أترك لدى القول معتبا
قضيت لصغراهن بالظرف، إنني
               رأيت الذي قالت الى القلب أطربا

هذه صورة فنية وان كانت من الخيال ولكنها من الابداع الشعري كما هو عند معظم الشعراء.

ريحانة القلب - العشماوي


حسبي من الهّم أنّ القلب ينتحبُ            وإن بدا فرحي للناس و الطربُ
مسافرٌ في دروب الشوق تحرقني          نار انتظاري ووجداني لها لهب
كأنني فارس لاسيفَ في يده                 والحرب دائرة والناس تضطرب
أو أنني ُمبحر تاهت سفينته             والموج يلطم عينيها وينسحب
أو أنني سالكُ الصحراءِ أظَمأه             قيظٌ ، وأوقفه عن سيره التعب
يمد عينيه للأفق البعيد فما                  يبدو له منقذ في الدرب أو سبب
يا شاعرا ما مشت في ثغره لغةٌ            إلا وفي قلبه من أصلها نسب
خيول شعرك تجري في أعنّتها              ما نالها في مراقي عزّها نصب
ريحانةَ القلب عين الشعر مبصرةٌ          وفجرنا في عروق الكون ينسكب
وأنت كالشمس لولا نورُها لطغى          ليل المعاناةِ وازدادت به الحُجب
يا من أبى القلبُ إلا أن يكون لها           وفـيه مأوى لعينيها ومنقلب
الله يكتب يا ريحانتي فإذا                    أراد أمضى وعند الناس ما كتبوا
لو اجمعَ الناسُ أمراً في مساءتنا            ولم يُقدّر لما فازوا بما طـلبوا
ريحانةَ القلب روح الحب ساميةٌ            فليس ُيقبل فيها الغدر والكذب
ليس الهوى سلعةً ُتشرى على ملأٍ           ولا تباع ولايأتي بها الغَلب
قد يعشق المرءُ من لامالَ في يده           ويكره القلبُ من في كفّه الذهب
حقيقةٌ لو وعاها الجاهلون لما               تنافسوا في معانيها ولا احتربوا
ما قـيمة الناس إلا في مبادئهم             لا المال يبقى ولا الألقاب والرتب

واحر قلباه ممن قلبه شبم - للمتنبي


وَاحَرّ قَلْباهُ ممّنْ قَلْبُهُ شَبِمُ                   وَمَنْ بجِسْمي وَحالي عِندَهُ سَقَمُ
ما لي أُكَتِّمُ حُبّاً قَدْ بَرَى جَسَدي             وَتَدّعي حُبّ سَيفِ الدّوْلةِ الأُمَمُ
إنْ كَانَ يَجْمَعُنَا حُبٌّ لِغُرّتِهِ                       فَلَيْتَ أنّا بِقَدْرِ الحُبّ نَقْتَسِمُ
قد زُرْتُهُ وَسُيُوفُ الهِنْدِ مُغْمَدَةٌ               وَقد نَظَرْتُ إلَيْهِ وَالسّيُوفُ دَمُ
فكانَ أحْسَنَ خَلقِ الله كُلّهِمِ               وَكانَ أحسنَ ما في الأحسَنِ الشّيَمُ
فَوْتُ العَدُوّ الذي يَمّمْتَهُ ظَفَرٌ                    في طَيّهِ أسَفٌ في طَيّهِ نِعَمُ
قد نابَ عنكَ شديدُ الخوْفِ وَاصْطنعتْ    لَكَ المَهابَةُ ما لا تَصْنَعُ البُهَمُ
أَلزَمتَ نَفسَكَ شَيئاً لَيسَ يَلزَمُها             أَن لا يُوارِيَهُم أَرضٌ وَلا عَلَمُ
أكُلّمَا رُمْتَ جَيْشاً فانْثَنَى هَرَباً                 تَصَرّفَتْ بِكَ في آثَارِهِ الهِمَمُ
عَلَيْكَ هَزْمُهُمُ في كلّ مُعْتَرَكٍ                وَمَا عَلَيْكَ بهِمْ عارٌ إذا انهَزَمُوا
أمَا تَرَى ظَفَراً حُلْواً سِوَى ظَفَرٍ           تَصافَحَتْ فيهِ بِيضُ الهِنْدِ وَاللِّممُ
يا أعدَلَ النّاسِ إلاّ في مُعامَلَتي       فيكَ الخِصامُ وَأنتَ الخصْمُ وَالحكَمُ
أُعِيذُها نَظَراتٍ مِنْكَ صادِقَةً           أن تحسَبَ الشّحمَ فيمن شحمهُ وَرَمُ
وَمَا انْتِفَاعُ أخي الدّنْيَا بِنَاظِرِهِ           إذا اسْتَوَتْ عِنْدَهُ الأنْوارُ وَالظُّلَمُ
سَيعْلَمُ الجَمعُ ممّنْ ضَمّ مَجلِسُنا             بأنّني خَيرُ مَنْ تَسْعَى بهِ قَدَمُ
أنَا الذي نَظَرَ الأعْمَى إلى أدَبي             وَأسْمَعَتْ كَلِماتي مَنْ بهِ صَمَمُ
أنَامُ مِلْءَ جُفُوني عَنْ شَوَارِدِهَا            وَيَسْهَرُ الخَلْقُ جَرّاهَا وَيخْتَصِمُ
وَجاهِلٍ مَدّهُ في جَهْلِهِ ضَحِكي                  حَتى أتَتْه يَدٌ فَرّاسَةٌ وَفَمُ
إذا رَأيْتَ نُيُوبَ اللّيْثِ بارِزَةً                   فَلا تَظُنّنّ أنّ اللّيْثَ يَبْتَسِمُ
وَمُهْجَةٍ مُهْجَتي من هَمّ صَاحِبها            أدرَكْتُهَا بجَوَادٍ ظَهْرُه حَرَمُ
رِجلاهُ في الرّكضِ رِجلٌ وَاليدانِ يَدٌ        وَفِعْلُهُ مَا تُريدُ الكَفُّ وَالقَدَمُ
وَمُرْهَفٍ سرْتُ بينَ الجَحْفَلَينِ بهِ     حتى ضرَبْتُ وَمَوْجُ المَوْتِ يَلْتَطِمُ
الخَيْلُ وَاللّيْلُ وَالبَيْداءُ تَعرِفُني     وَالسّيفُ وَالرّمحُ والقرْطاسُ وَالقَلَمُ
صَحِبْتُ في الفَلَواتِ الوَحشَ منفَرِداً     حتى تَعَجّبَ مني القُورُ وَالأكَمُ
يَا مَنْ يَعِزّ عَلَيْنَا أنْ نُفَارِقَهُمْ               وِجدانُنا كُلَّ شيءٍ بَعدَكمْ عَدَمُ
مَا كانَ أخلَقَنَا مِنكُمْ بتَكرِمَةٍ                   لَوْ أنّ أمْرَكُمُ مِن أمرِنَا أمَمُ
إنْ كانَ سَرّكُمُ ما قالَ حاسِدُنَا                 فَمَا لجُرْحٍ إذا أرْضاكُمُ ألَمُ
وَبَيْنَنَا لَوْ رَعَيْتُمْ ذاكَ مَعرِفَةٌ          إنّ المَعارِفَ في أهْلِ النُّهَى ذِمَمُ
كم تَطْلُبُونَ لَنَا عَيْباً فيُعجِزُكمْ               وَيَكْرَهُ الله ما تَأتُونَ وَالكَرَمُ
ما أبعدَ العَيبَ والنّقصانَ منْ شرَفي        أنَا الثّرَيّا وَذانِ الشّيبُ وَالهَرَمُ
لَيْتَ الغَمَامَ الذي عندي صَواعِقُهُ           يُزيلُهُنّ إلى مَنْ عِنْدَهُ الدِّيَمُ
أرَى النّوَى يَقتَضيني كلَّ مَرْحَلَةٍ           لا تَسْتَقِلّ بها الوَخّادَةُ الرُّسُمُ
لَئِنْ تَرَكْنَ ضُمَيراً عَنْ مَيامِنِنا              لَيَحْدُثَنّ لمَنْ وَدّعْتُهُمْ نَدَمُ
إذا تَرَحّلْتَ عن قَوْمٍ وَقَد قَدَرُوا              أنْ لا تُفارِقَهُمْ فالرّاحِلونَ هُمُ
شَرُّ البِلادِ مَكانٌ لا صَديقَ بِهِ        وَشَرُّ ما يَكسِبُ الإنسانُ ما يَصِمُ
وَشَرُّ ما قَنّصَتْهُ رَاحَتي قَنَصٌ            شُهْبُ البُزاةِ سَواءٌ فيهِ والرَّخَمُ
بأيّ لَفْظٍ تَقُولُ الشّعْرَ زِعْنِفَةٌ            تَجُوزُ عِندَكَ لا عُرْبٌ وَلا عَجَمُ
هَذا عِتابُكَ إلاّ أنّهُ مِقَةٌ                        قد ضُمّنَ الدُّرَّ إلاّ أنّهُ كَلِمُ

يا قوم لا تتكلموا - معروف الرصافي


يا قوم لا تتكلموا              إن الكلام محرمُ
ناموا ولا تستيقظوا            ما فاز إلا النومُ
وتأخروا عن كل ما         يقضي بأن تتقدموا
ودعوا التفهم جانبا           فالخير ألا تفهموا
وتثبتوا في جهلكم            فالشر أن تتعلموا
أما السياسة فاتركوا           أبدا وإلا تندموا
إن السياسة سرها         لو تعلمون مطلسمُ
من شاء منكم أن يعيــ  ــش اليوم وهو مكرمُ
فليمس لا سمع ولا         بصر لديه ولا فمُ
لا يستحق كرامة             إلا الأصم الأبكمُ
ودعوا السعادة إنما      هي في الحياة توهمُ
فالعيش وهو منعم        كالعيش وهو مذممُ
إن قيل هذا شهدكم          مر فقولوا: علقمُ
أو قيل إن نهاركم         ليل فقولوا : مظلمُ
أو قيل إن ثمادكم         سيل فقولوا : مفعمُ
أو قيل إن بلادكم         يا قوم سوف تقسمُ
فتحمدوا وتشكروا         وترنحوا وترنموا
           

بعضُ الحلوِ مُرٌّ في المذاقِ - فكري القباطي

لمَ الأشجانُ ديْدَنُهَا التلاقي
         وللأشواقِ باعٌ في الفُرَاقِ ؟!
عنِ الأوجاعِ نسألُ ما دهاها ؟!
            تبرُّ بنا ..إذا شئنا التراقي
تسوقُ لنا من الأطلالِ ذِكْرى
        تحجُّ لها الدموعُ منَ الحِداقِ
أمَا والله إنَّ الشوقَ حُلو
        وبعضُ الحلوِ مُرٌّ في المذاقِ

الأربعاء، يونيو 27، 2012

بين النحلي وابن عباد

جلس المعتمد بن عباد يوماً في بعض دور الحرم، فمر عليه بعض جواريه في غلالة لا يكاد يفرق بينها وبين جسمها، وذوائب تبدي الشمس في مدلهمها ، فسكب عليها إناء ماء ورد كان بين يديه ، فامتزج الكل ليناً واسترسالاً ، وطيباً وجمالاً ، وأدركت المعتمد أريحية الطرب ، ومادت بعطفيه راح الأدب ، فقال :

وهويت سالبة النفوس عزيزةً
               تختال بيت أسنةٍ وبواتر

وتعذر عليه المقال ، فقال لبعض الخدم القائمين على رأسه : سر إلى أبي الوليد النحلي ، وخذه بإجازة هذا البيت ولا تفارقه حتى يفرغ ، فأضاف إليه لأول وقوع الرقعة بين يديه :

راقت محاسنها ورق أديمها
            فتكاد تبصر باطناً من ظاهر
وتمايلت كالغصن بلله الندى
        يختال في ورق الشباب الناضر
تبدى بماء الورد مسبل شعرها
          كالطل يسقط من جناح الطائر
تزهى برونقها وحسن جمالها
              زهو المؤيد بالثناء العاطر
ملك تضاءلت الملوك لقدره
         وعنا له صرف الزمان الجائر
وإذا لمحت جبينه ويمينه
          أبصرت بدراً فوق بحرٍ زاخرٍ

فلما قرأها المعتمد استحضره وقال له : أحسنت ، أو كنت معنا؟
فأجابه النحلي بكلام معناه : ياقاتل المحل ، أو ماتلوت : " وأوحى ربك إلى النحل " !

الفرق بين الإتيان بغير الشيء وتبديله

الفرق بين الاتيان بغيره وتبديل الشئ : أن الاتيان بغيره لا يقتضي رفعه بل يجوز بقاؤه معه، وتبديله لا يكون إلا برفعه ووضع آخر مكانه ولو كان تبديله والاتيان بغيره سواء لم يكن لقوله تعالى " إئت بقرآن غير هذا أو بدله " فائدة وفيه كلام كثير أوردناه في تفسير هذه السورة، وقال الفراء " يقال بدله إذا غيره وأبدله جاء ببدله ".

* الفروق اللغوية - لأبي هلال العسكري.

إنَّ الْبَلاَءَ مُوَكَّلٌ بالمَنْطِقِ - مثل

قال المفضل‏:‏ يقال‏:‏ إن أول من قال ذلك أبو بكر الصديق رضي اللّه تعالى عنه فيما ذكره ابن عباس، قال‏:‏ حدثني علي ابن أبي طالب رضي اللّه تعالى عنه لما أمِرَ رسولُ اللّه صلى اللّه عليه وسلم أن يَعْرِضَ نفسَه على قبائل العرب خرج وأنا معه وأبو بكر، فَدُفِعْنَا إلى مجلسٍ من مجالس العرب، فتقدم أبو بكر وكان نَسَّابة فسَلَّم فردُّوا عليه السلام، فقال‏:‏ ممن القوم‏؟‏ قالوا‏:‏ من ربيعة، فقال‏:‏ أمِنْ هامتها أم من لَهَازمها‏؟‏ قالوا‏:‏ من هامتها العظمى، قال‏:‏ فأيُّ هامتها العظمى أنتم‏؟‏ قالوا‏:‏ ذُهْلٌ الأكبر، قال‏:‏ أفمنكم عَوْف الذي يقال له لاَحُرّ بِوَادِي عَوْف‏؟‏ قالوا‏:‏ لا، قال‏:‏ أفمنكم بِسْطَام ذُو اللَّواء ومنتهى الأحياء‏؟‏ قالوا‏:‏ لا‏؟‏ قال‏:‏ أفمنكم جَسَّاس بن مُرَّةَ ‏[‏ص 18‏]‏ حامي الذِّمار ومانِعُ الجار‏؟‏ قالوا‏:‏ لا، قال‏:‏ أفمنكم الحَوْفَزَان قاتل الملوك وسالبها أنفَسها‏؟‏ قالوا‏:‏ لا، قال‏:‏ أفمنكم المزدَلف صاحب العِمَامة الفَرْدة‏؟‏ قالوا‏:‏ لا، قال‏:‏ أفأنتم أخوال الملوك من كِنْدَة‏؟‏ قالوا‏:‏ لا، قال‏:‏ فلستم ذُهْلا الأكبر، أنتم ذهل الأصغر، فقام إليه غلام قد بَقَلَ وَجْههُ يقال له دغفل، فقال‏:‏

إنَّ عَلَى سِائِلِناَ أنْ نَسْأَلَه * وَالْعِبْءُ لاَ تَعْرِفُهُ أوْ تَحْمِلَهُ

يا هذا، إنك قد سألتنا فلم نكتمك شيئاً فمن الرجل أنت‏؟‏ قال‏:‏ رجل من قريش، قال‏:‏ بخ بخ أهل الشرف والرياسة، فمن أي قرش أنت‏؟‏ قال‏:‏ من تَيْم بن مُرَّة، قال‏:‏ أمْكَنْتَ واللّه الرامي من صفاء الثغرة، أفمنكم قُصَيّ بن كلاب الذي جَمَعَ القبائل من فِهْر وكان يُدْعَى مُجَمِّعاُ‏؟‏ قال‏:‏ لا، قال‏:‏ أفمنكم هاشم الذي هَشَم الثريدَ لقومه ورجالُ مكة مُسْنتُونَ عِجَاف‏؟‏ قال‏:‏ لا، قال‏:‏ أفمنكم شَيْبَةُ الحمدِ مُطْعم طير السماء الذي كأن في وجهه قمراً يضيء ليل الظلام الداجي‏؟‏ قال‏:‏ لا، قال‏:‏ أفمن المُفِيضينَ بالناس أنت‏؟‏ قال‏:‏ لا، قال‏:‏ أفمن أهل النَّدْوَة أنت‏؟‏ قال‏:‏ لا، قال‏:‏ أفمن أهل الرِّفادة أنت‏؟‏ قال‏:‏ لا، قال‏:‏ أفمن أهل الحِجَابة أنت‏؟‏ قال‏:‏ لا، قال‏:‏ أفمن أهل السِّقَاية أنت‏؟‏ قال‏:‏ لا، قال‏:‏ واجتذبَ أبو بكر زِمام ناقته فرجع إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، فقال دغفل‏:‏ صادَفَ دَرأ السيل دَرْأً يصدعُهُ، أما واللّه لو نبتَّ لأخبرتك أنك من زَمَعَات قريش أو ما أنا بدغفل، قال، ‏:‏ فتبسَّم رسولُ اللّه صلى اللّه عليه وسلم، قال علي‏:‏ قلت لأبي بكر‏:‏ لقد وقَعْتَ من الأعرابي على باقِعَةٍ، قال‏:‏ أجَلْ إن لكل طامة طامة، وإن البلاء مُوَكَّل بالمنطق‏.‏

وشايةُ الغروب - فكري القباطي

مكثَتْ تُحدِّقُ في الغروبِ وتدمَعُ
      والشمسُ من عَسَفِ الغياهبِ تهلَعُ
تَتَأرْجحُ الأحلامُ في أحداقِها
              ما بينِ أطيافٍ تغيبُ وتسطعُ
والصمتُ يعزفُ في فلاةِ شرودِها
                لحناً يُبدِّدُ كُلَّ صوْتٍ يُسمَعُ
يبدو الغروبَ كمعبدٍ في صرحِهِ
           رُسُلُ الوجومِ نوَاسِكٌ تتضرّعُ
قالت تُكابِدُ بحّةً في صوتِها:
              أسفاهُ من زمنٍ يُذلُّ ويقْمَعُ

عهــــــــــــود الحــــب - جبران خليل

كان لي بالأمس قلب فقضى
         و أراح الناس منه و استراحْ
ذاك عهد من حياتي قد مضى
         بين تشبيب و شكوى و نواحْ
إنما الحبّ كنجم في الفضـا
            نوره يمحى بأنوار الصباحْ
و سرور الحبّ وهم لا يطول
              و جمال الحبّ ظلّ لا يقيمْ
و عهود الحبّ أحلام تزول
             عندما يستيقظ العقل السليمْ