المشــــــــــــاهدات

الخميس، مارس 29، 2012

إذا قيل المحبة و الوئام - عبدالرحمن العشماوي

إذا قيـــــل الــمحــبـــة والـوئــامُ ... تــلألأ فــي خـيـال المـجــــــد شـــامُ
ولاحت فــي أصالتـــهـا دمــــشــقٌ ...ورفـرف فـوق غوطتـهـا الحـــــمـامُ
بــلاد بـــارك الــرحــمــن فــيهــا ... وغــــرد فـي مـقانـيـهـا الــســــلامُ
يـــمد الــفــجــر راحـــتــــه إلــيها ...مـعــطــرة وفــــــي فـــمـــه ابتســامُ
وينسج مـن خيـوط النـور ثــوبـاً ... لـغــوطــتــهــا يـــوشـــيــــه الـغرامُ
فـلا تــسـأل عــن الحسـناء لـمـَّا ... يفــــــــيض على ملامحها انســـجامُ
لــهــا وجــــــه صـباحيٌّ جـميــلٌ ... مـــحــــال أن يـخـــبــئــه الـــظــلامُ
دمـشــق أصــــالــةٍ في مقلـتيهـا ... حـــديـــثٌ لا يـــصـوره الـــكــــلامُ
تظـــــلُّ دمـشق نبراس المعـالـي ... وإن طال السُّـرى وجفـا المــــــنـامُ
تَــهُــب رياحها شرقــاً وغـربـــاً ... بـمـا يـرضـى بــه الـقــوم الـكــرامُ
وتعصـف ريحـهـا بدعـاة وهــم ... تـمــادوا فــــي غـوايـتهـم وهــاموا
إذا ذُكـرت بــلاد الشـام طـابـت ... بــهـــا كـلـمـاتـنـا وسما الــمــقــامُ
لأن الـــشـام للكرمــاء رمــــــزٌ ... وإن أزرى بــموقــفـها اللـــــئــــامُ
كــــأنَّ الـجـامــع الأمـوي فيهــا ... عـــظـيـم الــقــوم بـايـعه الـعِـظــامُ
ويـبرز " قاسـيـون " كشـيخ قوم ... يـحـدثهم وفــــــي يــــده حـــســـامُ
لقـد طـال اغتـراب الـشــام عـنّـا ... وغيـــــّب وجـههـا الصافـي القتامُ
رمتـهـا الطائـفـيـة مـنــذ جاءت ... بـقــــسـوتــهــا وأدمــتها السهامُ
بــلاد الـشام مــا زالـت تـعانـي ... ومـــا زالت بحسـرتـهـا تــُضــــامُ
سلـوها عـــن حماةً فهي تبـكـي ... و إن ضحــكـت وأسكتـهـا اللـجـامُ
فإن تــرابها مـــا زال يـشكـــو ... وفــــــي ذراته دمـهـــا الـــحــرامُ
لقد كانت حماةُ العِـــزِّ جرحــاً ... و مــــازالـتْ ، فليسَ له الْتئامُ
أَظَنَّ المعـــــتدي الغــــــدَّار أنَّـا ... نسـيناها وأخْـــــفاها القــَــــــتامُ
جرائمٌ تنفرُ الأخـــــــلاق منها ... لهــــا في شامنا الغــــالي ضِرامُ
شواهِدُها أمــــام العين تجـري ... فهــذي " بانياسُ " لها احــــتدامُ
وفي محرابِ " دَرْعةَ " ما يُرينا ... شواهـــــــدَ من جرائمــهمْ تُقـامُ
لقد سالت دماءُ الناسِ ظُــــلماً ... فأُفـــــلتَ من يـــدِ الباغي الزِّمامُ
وأصبحت الوعـــودُ بلا وفــاءٍ ... وأنَّى تمــطرُ السُّــــحبُ الجَــــهَامُ
تُحدِّثُ " دومةُ " الأبطـــال عـمَّا ... يخبئ من فـــــــظائعهِ النِّظـــــامُ
ولو نطقَتْ بما تلــــقاهُ حمـصٌ ... لأيقــــظ كلَّ من غفلوا ونامـــــوا
وحــرَّكَ في دم الشَّهباءِ عزْماً ... لكيــــلا يطْمُسَ الأَثَـــــــرَ الزِّحامُ
أيا حلبَ الإبــاءِ لك المـــــعالي ... فهيَّا قبــــــــلَ أنْ يَحْـمى الصِّـدامُ
فللأبطـــالِ نصــــــرٌ أو جِــنانٌ ... وأنفُ المستكينِ ، له الرَّغــــــامُ
أطلتِ الصمت يا حلب المعالي ... وفي الميدان للشعب اعتصام
مدائنُ شــامنا تُصْــلى بــــــنارٍ ... ويــزعجها منَ الجيشِ اقتـــــحامُ
نــشـازٌ أن تكــون الــشام داراً ... لــطــائـفةٍ ســجـيتهــا انتــقــــامُ
يبـاعـدهـا عــن الإسلام وهــمٌ ... ويـنخر فـــي عقيـدتـهـا الـسـقـامُ
تحاربُ من يقولُ : أريدُ عـــدْلاً ... لأنَّ العـــــــــدلَ فـــــــيها لا يُرامُ
أتطـــمعُ دولةٌ في حبِّ شعـــبٍ ... وليس لـها إلى العـــــدل احتكامُ ؟
أيـا أكـناف بـيـت الـقدس إنــي ... أرى غـيـثـاً يـجود بــــه الـغـمــامُ
فحبل الظـــلم في الدُّنيا قصــيرٌ ... وعقبى قاتِــل الشَّـعب انهــــــزامُ
لـقـد كــان اختطـافـك بــاب ذل ... ومــثـــلك بــالــمذلــة لا يســـــامُ
كأني بالحـــواضر و البـــوادي ... تقول لمن سَعَوا ولمن أقـــــــاموا
لقــــــد آنَ الأوانُ لكسر قــــيدٍ ... فـهبِّي من قيــــودكِ يا شــــــــــآمُ .