المشــــــــــــاهدات

الأربعاء، أبريل 25، 2012

طــــرب أبوالسائب لآبيات عروة بن أذينة

روى مصعب بن الزبير عن عبد الله، قال: كان عروة بن أذينة نازلاً في دارى بالعقيق فسمعته ينشد لنفسه:

إنّ التي زعمت فؤادك ملّها
        خلقت هواك كما خلقت هوىً لها
فيك الذي زعمت بها فكلاكما
             أبدى لصاحبه الصبابة كلّها
ولعمرها إن كان حبّك فوقها
            يوماً وقد ضحيت إذاً لأظلّها
فإذا وجدت لها وساوس سلوةٍ
        شفع الضمير إلى الفؤاد فسلّها
بيضاء باكرها النعيم فصاغها
                    بلباقةٍ فأدقّها وأجلّها
لما عرضت مسلّماً لي حاجةً
          أخشى صعوبتها وأرجو ذلّها
منعت تحيّتها فقلت لصاحبي
               ما كان أكثرها لنا وأقلّها
فدنا وقال لعلّها معذورةٌ
            في بعض رقبتها فقلت لعلّها

فأتاني أبو السائب المخزومي فقلت له بعد الترحيب والبشر : ألك حاجة ؟ قال: نعم ! أبيات لعروة بلغني أنك سمعته ينشدها ؟ فلما بلغت إلى قوله: فدنا وقال لعلها معذورة، طرب وصاح، وقال: هذا والله الصادق العهد، الدائم الود، لا الذي يقول:
إن كان أهلك يمنعونك رغبةً
          عني فأهلي بي أضنّ وأرغب
أوليس لي قربى إذا أقصيتني
         حدبوا عليّ وعندي المستعتب
فلئن دنوت لأدنونّ بعفّةٍ
            ولئن نأيت لما ورائي أرحب
يأبى وعيشك أن أكون مقصّراً
              رأيٌ أعيش به وقلب قلّب

لقد عدا هذا الأعرابي طوره، وتجاوز قدره، وإني لأرجو أن يغفر الله لصاحب الأبيات الأولى لحسن الظن بها، وطلب العذر لها. فعرضت عليه الطعام فقال: سبحان الله ! أويحسن الظن بمثلي أن يأكل طعاماً بعد سماع هذه الأبيات ؟ والله ما كنت لأخلط بها طعاماً حتى الليل، وانصرف.
والأبيات التي أنشدها أبو السائب لبعض الهذليين هي من مليح الشعر أولها:

طرقتك زينب والركاب مناخةٌ
             بحطيم مكّة والنّدى يتصبّب
بثنيّة العلمين وهناً بعدما
        خفق السّماك وعارضته العقرب
وتحية وكرامة لخيالها
            ومع التحية والكرامة مرحب
أنى اهتديت ومن هداك ودوننا
                 حمل فقّلة عاذب فالمرقب

هناك تعليق واحد: