المشــــــــــــاهدات

السبت، مايو 12، 2012

أميرة الماء - عبدالله الفيفي

مَوْجٌ على مَوْجِ الهَوَى يَتَكَسَّـرُ ومدًى يسـافرُ في مَدَاهُ ويُبْحِـرُ! 
والبحرُ أيّامي ، تُخِبُّ خيولُهـا ، أسَـفاً يروح ، وبهـجةً تتمطَّرُ! 
كُلُّ الذين رأوكَ في حَدَقِ الصُّوَى بَصُروا بعشقكَ ، إنما لم يُبصروا! 
بَصُـروا بأنّ أمـيرةَ المـاءِ التي وهَبَتْكَ نَـوْأَكَ أمْرُها لا يُقْهَـرُ! 
المغربُ الأقـصى على أهدابهـا شَرْقٌ، يَزُفُّ جناهُ طَرْفٌ أَحْـوَرُ! 
من صَقْرَ فوديها إلى عُشْبِ الفَلا خشْفان ، حفَّهما الفُتونُ الأكـبرُ‍ ‍ 
وعلى نوارس ركبتيها رَفْـرَفَـتْ أشواقُ أيـّامي، ومَـارَ المَرْمرُ! 
ولها على أُفُـقِ الزمانِ تَوَقُّـدٌ ولها على أُفُـقِ المكـانِ تَعَـثُّرُ 
يَتَبَدَّدُ التاريـخُ فـي بيـدائـها وإذا أرادتْ ، فهْو عَـبْدٌ مُحْضَرُ! 
أينعـتُ من رغمِ الثَّرَى بمفـازتي، هَتَفَتْ بهِ، فحواهُ فجـرٌ أخْضَرُ! 
لِتَلُفَّـهُ من دفئها بمُـطَـهَّـمٍ- سَـعَفُ الأصائلِ ساعِداهُ - وتَبْذُرُ 
تسهو على وَلَـهٍ مشاعلُ وَجْدِها الصُّوفيّ، أو يصحو الحضورُ المُزْهِرُ 
عَرَفَ انهمارَ الدهْرِ من أعطـافها فسقتْهُ، لا يَصْحُو ولا هُوَ يَسْكَرُ! 
* * * *** 
يا أيهـا الأنثى التي حملتْ "زمـا نَ الوصلِ"، طِفْلاً،أينَ منكِ تَنَكُّرُ؟! 
غادرْتني نَهْبَ القصـائدِ والرُّؤى متجـاذَبٌ، متـداوَلٌ، متبعـثرُ 
أهـمي حنيناً في ثراكِ ، وأنثني ، من فرط ما بي، هـائماً يتفكَّـرُ 
تلك التي ظمئتْكَ قد أظمتْكَ، والـ أبدُ انتهى ، والمـاءُ معنًى مُضْمرُ! 
أ فَهكـذا عشقيكِ يبقَى جَـذْوَةً في الروحِ ، تخبو تـارةً أو تَظْهَرُ؟! 
* * * *** 
كم قلتُ يوماً ، والهـواءُ غلائلٌ بيْضٌ ، وطـار بنا جناحٌ أشْـقَرُ: 
يـا نخـلـةَ الله التي أثـداؤها رُطَـبُ الحـياةِ وظِلُّها المُتَهَصِّرُ! 
هُـزّي بجذعي ، إنني لكِ جائعٌ، وتسـاقطي كمَجَـرَّةٍ تَتَكَـوَّرُ! 
أُهْدِيْكِ رايـاتي، شراعاً من دمي، وخيوطـها من مهجتي تَتَحَـدَّرُ! 
يَهْنِيـْكِ منها خامـةٌ من غيمها ليعـيثَ فيها ذا البهـاءُ المُـبْهِرُ! 
وخُـذي بأعناقِ الشعاراتِ التي قَضَمَـتْ بجسمي أُمَّـةً لا تَشْعُرُ! 
هـذي فلسطينُ كأطـولِ كِذْبَةٍ تاريخُـها عَـرَبٌ تقولُ وتَكْفـُرُ! 
والمسلمون مسـابحٌ ومـباخِـرٌ أُمَمٌ هنالك كمْ تَنَـامُ وتَجْـأَرُ! 
بغدادُ في "فيلم العروبة" أُحْرِقَتْ والمُخرجانِ "تَأَمْرُكٌ" و"تَدَوْلـُرُ"! 
وتَجَشَّأَ الأعـرابُ.. أمريكا على أكتافـهمْ بالتْ.. وبانَ المَخْـبَرُ! 
الراضعون بثديها .. هل فوجئوا؟ فـ"حضـارةُ الأبقارِ" منهمْ أَبْقَرُ! 
هزّي إليكِ بجذعها ، يلدُ الضحى طفلين : طفلاً بالأَرُوْمَـةِ يجْـدُرُ 
والآخـرُ الطفلُ الذي في خاطري من ألـفِ عامٍ فكرة لا تَكْـبُرُ! 
* * * *** 
يا أنتِ ، يا نحنُ ، وما يبقَى على كَفِّ الزمانِ بطقسـنا ، يا بَيْدَرُ! 
أدري بأنكِ في مخاضكِ ، بينمـا أهلوكِ حولكِ ، هازئٌ، أو مُنْكِرُ! 
أدري بأنك حُـرَّةٌ ، وأسـيرةٌ ، ولكِ الجموعُ بأسرها تستأسِـرُ! 
أدري بإطْـراقِ الـجوادِ إذا كَبَا أو باختـلاج القلبِ إمّا يُكْسَـرُ! 
* * * *** 
ولقد علمـتِ بأنّ قلبكِ دانـةٌ ، أغـلى من الأغلى عَلَيَّ ، وأَنْضَرُ! 
لكنّ عنوانَ الأنوثـةِ مشْمـِسٌ ، أبداً ، وعنوانَ الذّكـورة مُقْمـِرُ! 
عنوانُ لحظـيكِ مقاتـلُ مهجتي، لو كان بي غيري ، وبئـس تَعَذُّرُ! 
تلك التي قتـلتْ فؤادكَ أبْدعـتْ قـتّالهـا، ولكـلّ آتٍ مَصْـدَرُ! 
فتحـرّري منّي، فمنكِ بدايـتي ، ولتغفري حُبّي ، فمـثلُكِ يَغْـفِرُ! 
لا يقرأ اللغةَ الولودَ سـوى الذي يحـيا الأمومةَ،كُـلُّ أمٍّ تَصْـبِرُ! 
وأنا هـنا ببيـاضـها متوسِّـمٌ وجْهَ الشُّروقِ ، بسِـفْرِهِ مُسْتَبْصِرُ 
لا تندمي ، لا تحلمي، واسـتقبلي أمسي ، وبابُ الوَعْدِ صُبْحٌ مُثْمِرُ! 
* * * *** 
تدرين ما قرأتْ أنامـلُ سـاعتي في وجهكِ الذَّاوي، وبَرْدٌ يَصْـفرُ؟ 
بيتـين لفّهما الغموض بهـامتي ، نَعَـبَا ، وهذا الكونُ ليلٌ مُغْـدِرُ: 
"إنْ لم يكن لكَ منكَ طِبٌّ في الهوى فطـبيبكَ الموتُ الذي لا تَحْذَرُ! 
لولا دمـاء الموتِ في مُهَجِ الحـيا ما أَخْصَبَ المـاءُ المواتُ المقفرُ!" 
* * * *** 
يا غيمـةَ الفصلِ الأخـيرِ، تمهّلي فشـفاهُـنا من حلمتيكِ الكَوْثَرُ! 
تتفـتّتُ الذكرى الحرونُ براحتي فأشـمّ منهـا أنجـماً تتحَـرَّرُ! 
غَـزَلَتْ بُـرادةَ ذكـرياتي غادةً ضوئيةً، تنهـارُ فيـها الأعْصُـرُ! 
تنتـابني ريّـانةً بجـموحـهـا لـتروح مـني ثـورةً أو تُبْـكِرُ 
سـأظلّ أرنو ظامـئاً لجَهَامِهـا، لا مقشـعاً عنّي ، ولا هُوَ يُمْطِرُ! 
قَـدَري أحبّكِ أنتِ، يا فتـّانتي، من ذا على قَـدَرِ المَحَبـةِ يَقْدِرُ! 
كم-كالفَراش- نموتُ في أضدادنا! والحُـبُّ بعدَ عـداوةٍ هُوَ أَشْعَرُ!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق