المشــــــــــــاهدات

الأحد، يونيو 17، 2012

مصطفى السباعي يرثي نفسه

مرثية رائعة للشاعر الأديب مصطفى السباعي يرثي نفسه وهو على فراش الموت قالها ثم مات بعدها رحمه الله :
أهاجك الوجد أم شاقتك آثار      كانت مغاني نعم الأهل والدار؟!
وما لعينك تبكي حرقة وأسى        وما لقلبك قد ضجت به النار
على الأحبة تبكي أم على طلل            لم يبق فيه أحباء وسمار
وهل من الدهر تبكي سوء عشرته    لم يوف حقاً ولم يهدأ له ثار
هيهات يا صاحبي آسى على زمن     ساد العبيد به واقتيد أحرار
أو أذرف الدمع في حِبِّ يفارقني       أو في اللذائد والآمال تنهار
فما سبتني قبل اليوم غانية           ولا دعاني إلى الفحشاء فجار
أَمَت في الله نفساً لا تطاوعني   في المكرمات لها في الشر إصرار
وبعت لله دنيا لا يسود بها حق            ولا قادها في الحكم أبرار
وإنما جزعي في صبية درجو       غُفْلٍ عن الشر لم توقد لهم نار
قد كنت أرجو زمانا أن أقودهم        للمكرمات فلا ظلم ولا عار
واليوم سارعت في خطوي إلى كفن       يوماً سيلبسه بر وفجار
بالله يا صبيبتي لا تهلكوا جزعاً    على أبيكم طريق الموت أقدار
تركتكم في حمى الرحمن يكلؤكم     من يحمه الله لا توبقه أوزار
وأنتم يا أهيل الحي صبيتكم           أمانة عندكم هل يهمل الجار
أفدي بنفسي أُماً لا يفارقها هم            وتنهار حزناً حين أنهار
فكيف تسكن بعد اليوم من شجن   يا لوعة الثكل ما في الدار ديار
وزوجة منحتني كل ما ملكت        من صادق الود تحنان وإيثار
عشنا زماناً هنيئاً من تواصلنا           فكم يؤرق بعد العز إدبار
وإخوة جعلوني بعد فقد أبي            أباً لآمالهم روض وأزهار
أستودع الله صحباً كنت أذخرهم          للنائبات لنا أنس وأسمار
الملتقى في جنان الخلد إن قبلت         منا صلاة وطاعات وأذكار

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق