المشــــــــــــاهدات

الأربعاء، يونيو 27، 2012

بين النحلي وابن عباد

جلس المعتمد بن عباد يوماً في بعض دور الحرم، فمر عليه بعض جواريه في غلالة لا يكاد يفرق بينها وبين جسمها، وذوائب تبدي الشمس في مدلهمها ، فسكب عليها إناء ماء ورد كان بين يديه ، فامتزج الكل ليناً واسترسالاً ، وطيباً وجمالاً ، وأدركت المعتمد أريحية الطرب ، ومادت بعطفيه راح الأدب ، فقال :

وهويت سالبة النفوس عزيزةً
               تختال بيت أسنةٍ وبواتر

وتعذر عليه المقال ، فقال لبعض الخدم القائمين على رأسه : سر إلى أبي الوليد النحلي ، وخذه بإجازة هذا البيت ولا تفارقه حتى يفرغ ، فأضاف إليه لأول وقوع الرقعة بين يديه :

راقت محاسنها ورق أديمها
            فتكاد تبصر باطناً من ظاهر
وتمايلت كالغصن بلله الندى
        يختال في ورق الشباب الناضر
تبدى بماء الورد مسبل شعرها
          كالطل يسقط من جناح الطائر
تزهى برونقها وحسن جمالها
              زهو المؤيد بالثناء العاطر
ملك تضاءلت الملوك لقدره
         وعنا له صرف الزمان الجائر
وإذا لمحت جبينه ويمينه
          أبصرت بدراً فوق بحرٍ زاخرٍ

فلما قرأها المعتمد استحضره وقال له : أحسنت ، أو كنت معنا؟
فأجابه النحلي بكلام معناه : ياقاتل المحل ، أو ماتلوت : " وأوحى ربك إلى النحل " !

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق