المشــــــــــــاهدات

الثلاثاء، يونيو 05، 2012

من كتاب أدباء العرب في الجاهلية وصدر الإسلام - بطرس البستاني

العصر الجاهلي
يبتدئ بنهضة الشعر وتنوع أبوابة وبحورة وينتهي بظهور الإسلام وهجرة رسوله
النثر في الجاهلية :
النثر لغة رمي الشيء متفرقاً، وعكسه النظم فهو الضم والتأليف ، ومن ذلك قال الأدباء : كلام منثور إذا كان لا يقيده وزن ولا قافية ، وكلام منظوم إذا كان موزوناً مقفى .
والنثر خلاف الشعر يغلب فيه التفكير الصحيح على الخيال المطلق ، فلا غرو إذاً أن يتقدم الشعر النثر ، لأن الشعب في فطرته خيالي عاطفي أكثر منه عاقلاً مفكراً . ونحن في كلامنا عن النثر نعني به الإنشاء الفني لا الكلم الذي تتخاطب به الناس .
وإنه لمن العبث أن نتلمس هذا الفن في الجاهلية ، ونضعه في درسنا إلى جانب الشعر ، لأنه ما وصلنا إلينا منه زهيد لا يعتد به . والسبب في ذلك أن الإنسان الفطري على أميته فيه من قوة المخيلة والحس ما يفسح له في مجال التعبير الشفهي عن عواطفه وتصوراته دون أن يحتاج إلى الكتابة ، ومعلوم أن الحياة الجاهلية ، في حدودها السياسية والاجتماعية ، لا تتسع للفن الكتابي الذي إنما هو ينشأ بنشوء الجماعات المنظمة ، وينمو بنمو القوى المفكرة ، ويعظم بعظم الحاجة إليه . ورب معترض يقول أن الكتابة كانت معروفة عند العرب في جاهليتهم . فنحن لا ننكر ذلك ، لكنهم كانوا يعتمدون عليها في حاجاتهم الاقتصادية ، لا لتدوين شعرهم أو نثرهم ، وإذا كان الشعر الجاهلي وصل إلينا منه شيء غير قليل ، فلأم العرب في جاهليتهم نظموا أكثر مما نثروا ، ولأن الشعر أسهل للحفظ والرواية من النثر .
ميزة النثر الجاهلي :
النثر في الجاهلية موسيقي كالشعر ، تتخلله أحياناً جمل موزونة مسجعة ، وأكثر الجمل قصيرة موجزة ، فيها قوة وبلاغة تعبير . ويمكننا أن نجد امثلة للنثر الجاهلي في بعض ما وصل إلينا من الخطب ولأمثال ، ولكن هذه الأمثلة على قلتها ، لا تكفي وحدها لإبداء رأي صحيح  .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق