المشــــــــــــاهدات

الأربعاء، أبريل 11، 2012

الشــــــمـــــــوع القـــاتلــــة


بقلم أ . سمير أبو شتات
في مدينة حالمة ، تارة تحتضن البحر وتارة يحتضنها البحر ، تداعب موجه الأزرق ورمل الشاطئ الأبيض ، تكثر فيها أشجار لطالما عانقت السماء وناجت ربها في خشوع إنها أشجار النخيل ، تخال نفسك وأنت تجول بناظريك في أرجائها في حديقة غنّاء تجلب لك كل معاني الإلهام ، وتسبح بك في خيال لا حدود له ، في هذه المدينة كانت تسكن ( ذكرى )والتي لم تتجاوز الثلاثين من عمرها في بيتها المتواضع ولكنه في نظرها من أجمل البيوت ، حباها الله من جمال المحيا والروح ما حباها ، فإذا ما نظرت إلى وجهها الحالم رأيت فيه كل براءة الأنثى اللطيفة خفيفة الظل فيها من عبق المكان رائحة الأصالة وعمق الانتماء ، إذا ما أمعنت فيها النظر رأيت عينان تستطيع أن تبحر فيهما إلى حيث الأفق البعيد في رحلة لا أجمل ولا أروع ، أما ضفيرة شعرها المنساب على ظهرها فتستطيع أن تعزف على أوتاره أجمل معزوفة للحب ، من كثرة هدوئها وبساطتها ورق حديثها يحبها جميع من في حيها ويغبطها الكثير على هذا الحب ، وقد زادها الله جمالا بأن رزقها بثلاث من الشموع الفاتنة سجى وسحر وسوسن ، إذا ما نظرت في وجوهن رأيت فيهن براءة الأطفال كما تتمناها ، وجمال أخاذ يسر الناظرين ، أكبرهن لم تتجاوز السنوات الثماني ، وكعادتها عندما توشك الشمس الأفول صنعت ذكرى لصغيراتها طعام العشاء ولم يكن يدور في خلدها أنه العشاء الأخير ، وبعد تناول الطعام جلست تراجع معهن واجباتهن المدرسية ومضى الليل ومضت الساعات وأحست من خلال النظر إلى ساعة معلقة على الجدار أن الوقت داهمها وأنها في ساعة متأخرة ، فهمست إلى صغيراتها أن وقت النوم قد حان ، فمضين إلى مضاجعهن ورتبت ذكرى المكان ، ثم لحقت بصغيراتها ، وجلست إلى جوار صغراهن كعادتها وأخذت تقص عليهن بعضا من حكايات الشاطر حسن ، وما قيل عن جحا من نكات ، وكانت الصغيرات يغرقن في الضحك تارة ويصغين إلى أحاديث أمهن الجميلة تارة أخرى ، وفجأة قطع أنسهن الزائر ثقيل الظل لقد انقطعت الكهرباء وحل الظلام في كل مكان وساد في الغرفة صمت رهيب ، لكن ذكرى توكأت على جدران الغرفة حتى وصلت إلى مكان تضع فيه مجموعة من الشمع ، كانت قد اشترته لمثل هذا الغرض ، وأوقدت ثلاث شمعات ووضعتهن إلى جوار شمعاتها اللائي كن لا زلن ينتظرن بعضا من الحكايات ، علها تبعد بضوء هذه الشموع وحشة هذا الزائر الثقيل ، وواصلت الأم رحلتها مع القصص والحكايات ، واسترسلت وغرق الجميع في نوم عميق ، و راود الأم في رحلة نومها أحلاما رأت فيها أنها وصغيراتها في جنة غنّاء فيها مالا عين رأت ولا خطر على قلب بشر ، ومضى الليل ومضت الشموع تلتهم كل شيء وتحول الليل المظلم إلى نهار حارق من شدة اللهب والتهمت النيران كل شيء ، حتى أنها التهمت شموع ذكرى ومضين جميعا إلى حيث حلمت الأم ، إلى جنة لطالما حلمن بها طويلا ، وهكذا قتلت الشموع الشموع!!!!!!!!!!!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق